الإمام البنا والسياسة

من طرف engmohamed 2007-09-06, 5:27 pm

[url=]الإمام البنا والسياسة[/url]
[url=]بقلم: د. محيي حامد[/url]يقول الإمام البنا رحمه الله:
"قلما تجد إنسانًا يتحدث إليك عن الإسلام والسياسة إلا وجدته يفصل بينهما، ويضع كل واحد من المعنيين في جانب، فهما عند الناس لا يلتقيان ولا يجتمعان، ومن هنا سميت جمعية إسلامية لا سياسية، وذلك اجتماع ديني لا سياسةَ فيه، ورأينا في صدر قوانين الجمعيات ومنهجها لا تتعرض للشئون السياسية".

ويقول رحمه الله: "إن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًّا بعيد النظر في شئون أمته، مهتمًّا بها، فالمسلم مطالب بحكم إسلامه أن يُعنى بكل شئون أمته، ويقول رحمه الله: "إننا نهتم بشئون أمتنا وإننا نعمل لاستكمال الحرية".

ويقول رحمه الله: "على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشئون أمتها السياسية، وإلا كانت تحتاج هي نفسها إلى أن تفهم معنى الإسلام).

ومن هذه الأقوال نستخلص عدة حقائق أساسية هي:
أولاً: على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها اهتمامها بشئون أمتها السياسية.

ثانيًا: أن المسلم لا يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًّا بعيد النظر في شئون أمته.

ثالثًا: أن العمل السياسي لا ينفصل عن العمل الدعوي؛ فكلاهما يهتم بشئون الأمة من واجبات الأفراد والجماعات التي تفهم الإسلام بشموله دون اجتزاء.

ويظهر ذلك جليًّا في تحديد الإمام البنا لمفهوم السياسة فيقول رحمه الله:
السياسة هي النظر في شئون الأمة الداخلية والخارجية ولها جانبان:
أ- الداخلي: وتعني السياسة- عندئذٍ- تنظيم أمر الحكومة وبيان مهماتها، وتفصل واجباتها وحقوقها ومراقبة الحاكمين، والإشراف عليهم ليطاعوا إذا أحسنوا، ويُنقدوا إذا أساءوا.

ب- الخارجي: وتعني السياسة حينئذٍ المحافظة على استقلال الأمة وحريتها، والسير بها إلى الأهداف التي تحتل بها مكانتها بين الأمم، وتخليصها من استبداد غيرها وتدخله في شئونها، (رسالة المؤتمر السادس).

وفي موضع آخر يحدد لنا الإمام البنا أهداف ومجالات العمل السياسي الذي يعمل له الإخوان المسلمون في نطاقه بما يلي:
1- تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي "غير إسلامي وذلك حق طبيعي لكل إنسان لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر"، (رسالة بين الأمس واليوم).

2- وحدة الوطن الإسلامي: "ونريد بعد ذلك أن نضم إلينا كل جزء من وطننا الإسلامي الذي فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية".

3- أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي، وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة للناس، وما لم تقم هذه الدولة فإنَّ المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدي الله تعالى العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها، (رسالة بين الأمس واليوم).

ويلخص الإمام البنا الأهداف السابقة جميعًا فيقول: "إن الهدفَ السياسي السامي لمشروع النهضة يتمثل في إعادةٍ للكيان الدولي للأمة الإسلامية، بتحرير أوطانها وإحياء مجدها وتقريب ثقافتها وجمع كلمتها حتى يؤدي ذلك كله إلى إعادة الخلافة الإسلامية".

ثم ينتقل بنا الإمام البنا ليحدد لنا مرجعية الجماعة في العمل السياسي؛ وهي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح في الدعوة إلى إصلاح الناس والأمة بتعاليم وأحكام وهدي الإسلام فيقول رحمه الله:
"يا قومنا.. إننا نناديكم إلى الإسلام وتعاليمه.. فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا، وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيًّا فنحن أعرق الناس والحمد لله في السياسة، وإن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم، فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات وانكشفت الغايات" (رسالة إلى أي شيء ندعو الناس).

كما يقول أيضًا: "وأعتقد أن أسلافنا- رضوان الله عليهم- ما فهموا للإسلام معنى غير هذا، فيه كانوا يحكمون وله كانوا يجاهدون، وعلى قواعده كانوا يتعاملون، وفي حدوده كانوا يسيرون في كل شأن من شئون الحياة الدنيا العملية قبل شئون الآخرة الروحية، ورحم الله الخليفة الأول إذ يقول: "لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في كتاب الله".

ويختم الإمام البنا كلامه في "رسالة مؤتمر طلبة الإخوان المسلمين" فيقول: "ومن هنا أيها المسلمون كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يتكلمون في نظم الحكم ويجاهدون في مناصرةِ الحق، ويحتملون عبء سياسة الأمة، ويظهرون على الصفة التي وصفوا أنفسهم لها "رهبان بالليل فرسان بالنهار" حتى كانت أم المؤمنين عائشة الصديقة تخطب في الناس في دقائق السياسة، وتصورهم مواقف الحكومات في بيانٍ رائع وحجة قوية.

ومن هذه الاقوال نستخلص الآتي:
أولاً: مفهوم السياسة من منطلق إسلامي, وواجب المسلم في مراقبة الحاكم وتقديم النصح له والمحافظة على استقلالية واستكمال حريتها.

ثانيًا: مرجعية العمل السياسي هي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح ولنا فيهم القدوة والأسوة.

ثالثًا: أن أهداف ومجالات العمل السياسي من منطلق إسلامي هي أهداف عُليا تسعى لإعادة كيان الدولة للأمة الإسلامية.

وبهذا نكون قد تحدثنا عن آراء وأقوال الإمام البنا في السياسة من حيث المفهوم والأهداف والمرجعية وعلاقة ذلك كله بمبادئ وأهداف هذه الدعوة وخصائصها والتي تصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها هيئة إسلامية شاملة: فيقول الإمام البنا رحمه الله: نحن طريقة صوفية وجماعة سنية ودعوة سلفية وهيئة سياسية، وفرقة رياضية وجماعة عملية وشركة اقتصادية... إلخ، وبهذا يتضح لنا أن العمل في جماعة الإخوان المسلمين يشمل جميع الجوانب لا فصلَ بينها أو اجتزاء، ولكن التوازن والشمول والتكامل، وهذا مما يعطي الجماعة حيويتها وفاعليتها وأثرها الكبير على المستوى الشعبي والسياسي والإسلامي.

رحم الله الإمام المؤسس وجزاه الله عنا خير الجزاء وتقبله الله في الشهداء والصالحين.. اللهم آمين.